كريتر نت – متابعات
تحاول دول الخليج العربي الغنية بالنفط وخصوصا السعودية، من خلال دعم أسعار الخام وخفض الإنتاج ألا تخسر اتفاقها في تحالف “أوبك+” مع شريكها الروسي، ولكنّها تسعى أيضا إلى الدفاع عن مصالحها.
وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان رد على “الشكوك” التي تحوم حول الاقتصاد العالمي وإمكان حدوث ركود، والحاجة إلى القيام بخطوات استباقية من أجل المحافظة على “استقرار السوق”.
وترى أمينة بكر، الخبيرة في مؤسسة “إنرجي إنتليجنس” المتخصصة في الطاقة، أنّ قرار خفض الإنتاج “يمنح المجموعة المزيد من الطاقة الاحتياطية التي يمكن استخدامها لاحقًا لإعادة التوازن إلى الأسواق”.
جيم كرين: ربما لا يدعم السعوديون الحرب في أوكرانيا، لكنهم لا يريدون أن يفقدوا التعاون الروسي في السوق
وأضافت بكر أنه منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، ساعدت قرارات الكارتل النفطي في احتواء تقلبات أسعار النفط على عكس أسعار الغاز أو الفحم. ورغم ارتفاع أسعار “الذهب الأسود” منذ بداية الحرب في فبراير، قاوم الكارتل دعوات الغرب لزيادة الإنتاج، معلناً محدودية القدرات بسبب نقص الاستثمار الكافي في هذا القطاع في السنوات الأخيرة.
وتنتج معظم الدول الأعضاء بالفعل أقل من الحصص المخصصة لها، وستتحمل التخفيضات المعلنة بشكل أساسي السعودية والإمارات والكويت، على أمل تعويض النقص عبر انتعاش الأسعار في الأشهر المقبلة.
لكن السيطرة على كميات الإنتاج تتطلب الحفاظ على الاتفاق بين الدول المنتجة الرئيسية، ولاسيما روسيا، حتى لو كان ذلك يعني تجاهل مصالح واشنطن، الشريك الرئيسي الآخر لدول الخليج قبل الانتخابات الأميركية النصفية.
وقال جيم كرين من معهد بيكر في جامعة هيوستن بالولايات المتحدة لوكالة فرانس برس “ربما لا يدعم السعوديون الحرب في أوكرانيا، لكنهم لا يريدون أن يفقدوا التعاون الروسي في السوق”.
أمّا الباحثة في مركز سياسة الطاقة العالمية بجامعة كولومبيا كارين يونغ فرأت أن هدف دول الخليج هو الحفاظ على مستوى معين للأسعار وتجنب حدوث انخفاض مفاجئ فيها.
وقد عانت اقتصادات مجلس التعاون الخليجي جرّاء انهيار الأسعار خلال مرحلة تفشي وباء كوفيد – 19، علما أن الأسعار شهدت انخفاضا كبيرا قبل ذلك منذ 2014. ومن المتوقع أن تحقق اقتصادات هذه الدول نموا بنسبة 6.9 في المئة هذا العام، و3.7 في المئة في عام 2023، وفقًا لأحدث توقعات البنك الدولي.
وتشكّل الإيرادات الإضافية التي يمكن أن تتجاوز ألف مليار دولار بحلول عام 2026 وفقًا لصندوق النقد الدولي، وسيلة لقادة المنطقة للاستعداد للمستقبل.
لا مصلحة لدول الخليج في الدفاع عن أسعار مرتفعة للغاية، حتى لا تدفع الدول الأخرى نحو تسريع تبني الطاقات البديلة
وتبيّن يونغ أنّ “عُمان بصدد شراء جزء من ديونها، والسعودية تكدّس احتياطيات لدعم مشاريعها التنموية والإمارات تبني مدخرات للاستثمار في الخارج وفي أصول إستراتيجية في المنطقة”.
ووفقا لوكالة ”بلومبرغ“ المالية، ضخ صندوق الاستثمارات العامة السعودي سبعة مليارات دولار في سوق الأسهم في النصف الثاني من العام الحالي، وحاز أسهما في شركات أميركية رائدة مثل أمازون وبلاك روك.
وترى الدول المنتجة للنفط، التي تعتقد أنه جرى تجاهلها في السنوات الأخيرة على خلفية المعركة ضد التغيّر المناخي، أن أزمة الطاقة فرصة غير متوقعة لإعادة قطاع الهيدروكربونات إلى مجده السابق.
ودعا رئيس شركة أرامكو السعودية العملاقة أمين الناصر الشهر الماضي إلى زيادة الاستثمار العالمي في الوقود الأحفوري، منتقدًا خطط تحوّل الطاقة “غير الواقعية”، غير أنّه على المدى الطويل، لا مصلحة لدول الخليج في الدفاع عن أسعار مرتفعة للغاية، حتى لا تدفع الدول الأخرى نحو تسريع تبني الطاقات البديلة، وهو بحسب جيم كرين “سيناريو مخيف” خصوصا بالنسبة إلى السعودية التي “يمكن أن تنتج النفط لمدة 75 عامًا” بالمعدل الحالي.
وكان الأمين العام لأوبك هيثم الغيص، وهو أول خليجي يشغل هذا المنصب، قد كشف عن الموقف الخليجي بالقول ”إن أمن الطاقة له ثمن“، بما يختصر تداخل المواقف السياسية مع حاجة السوق النفطية والضغوطات الأميركية على أوبك وحلفائها دون أن تقدّم الولايات مقابلاً مقنعاً لذلك.