كريتر نت – متابعات
كشفت مصادر عليمة في الجهاز القضائي الإسرائيلي أن النيابة العامة قررت تعليق المفاوضات مع محامي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، حول إبرام صفقة تنهي محاكمته بتهم الفساد وتخرجه بقرار حكم مخفف يعفيه من عقوبة السجن. وقالت المصادر إن «النيابة تصر على أن يعترف نتنياهو بالتهم الموجهة إليه ويعتزل الحياة السياسية كشرط للتوصل إلى صفقة».
وبناء على ذلك، تم استئناف المحاكمة بالوتيرة العالية، ثلاثة أيام في الأسبوع. وسيمثل رئيس المعارضة يائير لبيد، بعد عشرة أيام أمام المحكمة بوصفه شاهد إثبات على التهم الموجهة إلى نتنياهو بالاحتيال وتلقي الرشى وخيانة الأمانة.
وكانت المفاوضات بين النيابة ومحامي نتنياهو بدأت قبل شهر، بناء على اقتراح من القضاة. وقالت تلك المصادر إن الدافع وراء هذا الاقتراح هو أن المحكمة تستغرق وقتاً طويلاً، ويمكن أن يمتد إلى خمس سنوات وأكثر، وستترك أثرها على الحياة السياسية بشكل سلبي، حيث إن رئيس الوزراء منشغل فيها ويسخّر كل جهوده لأجلها ويهمل قضايا جوهرية تتعلق بالتحديات الاستراتيجية والأمنية وحتى الاقتصادية. ومن المفضل إغلاق هذا الملف والتقدم في الحياة السياسية. وهم يرون أن الاستمرار في المحاكمة يجعل نتنياهو وحلفاءه في اليمين مصممين أكثر على إحداث الانقلاب في منظومة الحكم وإضعاف القضاء، وسيؤدي بالمقابل إلى تشديد الاحتجاج الجماهيري ضده، وهذا سيشعل فتيل الحرب الأهلية.
لكن المستشارة القضائية للحكومة جاليا بهراف ميار، التي تترأس مؤسسة النيابة ووافقت على إجراء تجربة للتفاوض، أعلنت أنها لا ترى نوايا جدية لدى محامي نتنياهو للتوصل إلى صفقة ملائمة. وقالت: «إنهم يريدون تبرئة نتنياهو وإبقائه رئيس حكومة من دون أن يدفع ثمن أخطائه حتى يقولوا لاحقاً إن المسؤولين في جهاز إنفاذ القانون، أي الشرطة والنيابة، نسجوا لائحة اتهام ضد نتنياهو بغرض الانتقام السياسي. وهذا غير مقبول». واشترطت أن «يعترف نتنياهو بالتهم الموجهة إليه، ولو جزئياً، ويقبل اعتزال السياسة. وفقط عندها توافق على إصدار حكم لا يتضمن عقوبة السجن عليه».
وكانت النيابة قد تعرضت لضغوط شديدة حتى من قوى في المعارضة، رأت أن المصلحة الوطنية تقتضي إنهاء ملف نتنياهو، لأجل كف شره عن الحياة السياسية.
وتقول هذه القوى إن استطلاعات الرأي تشير إلى انقسام حاد في المجتمع بسبب هذا الملف، وتشير إلى أن 43 في المائة من الجمهور الإسرائيلي يؤيدون المساعي للتوصل إلى صفقة ادعاء مع نتنياهو تحميه من السجن مقابل إقصائه عن المشهد السياسي، فيما عارض 37 في المائة هذه الإمكانية وأصروا على بقائه في الحكم.
ونسب إلى رئيس حزب «المعسكر الرسمي» المعارض بيني غانتس، هو أحد الذين أعربوا عن تأييدهم لصفقة، قوله في أحاديث داخلية إن «نتنياهو لا يكترث لشيء سوى محاكمته. وإذا استمرت المحاكمة وبقي في الحكم فسيحرق الأخضر واليابس حتى يمنع صدور حكم بحبسه. ولذلك يجب على كل من يريد إنقاذ إسرائيل أن يجد صيغة لصفقة معقولة ترضي الطرفين». وحسب أحد المصادر، فإن غانتس انتقد التصلب في موقف المستشارة القضائية.
3 ملفات
يذكر أن نتنياهو يحاكم في ثلاثة ملفات. وخلال محاكمته، ظهرت عدة ثغرات في عمل النيابة. وأخفق عدد من شهود الإثبات في جلب أدلة تدينه. وتم الإعلان عن أحد شهود الدولة معادياً، لأنه عندما ظهر أمام المحكمة فاجأ النيابة وأجرى تغييرات في إفادته. ولكن النيابة، رغم ذلك، تعتقد بأن أدلتها راسخة وأن المحكمة ستدينه بعدة بنود اتهام وتفرض عليه حتماً حكماً بالسجن. وهي تبني كثيراً على شهادة لبيد، لأنه عندما كان وزيراً للمالية تعرض لضغوط كي يوافق على تعديل قانون الإعفاء من الضرائب للمواطنين العائدين. فالقانون اليوم يتيح لمواطن إسرائيلي هاجر للخارج أن يعود إلى البلاد ويسترد جنسيته وتمنحه لقاء ذلك إعفاء من الضرائب عن أرباحه خلال آخر عشر سنوات. وقد أراد نتنياهو تعديل هذا القانون بحيث يمدد فترة الإعفاء الى 20 سنة.
وتبين للنيابة أن نتنياهو سعى إلى هذا التعديل خدمة لصديقه رجل الأعمال أرنون ميلتشين، الذي كان سيجني أرباحاً طائلة منه. وميلتشين، هو الثري الذي كان يقدم لنتنياهو وزوجته هدايا ثمينة بشكل غير قانوني. وسيشهد لبيد على أن مثل هذا التعديل يجب أن يحظى بموافقة وزير المالية. وأنه عندما كان في هذا المنصب توجه إليه نتنياهو شخصياً وكذلك بواسطة أحد مساعديه، طالباً موافقته. لكن لبيد، الذي تربطه هو أيضاً صداقة مع ميلتشين، درس الطلب مع عدد من رجال القانون ثم أعلن رفضه المطلق تعديل القانون. وستطلب منه النيابة أن يوضح لماذا رفض، حتى تظهر نتنياهو شخصية أخرى ذات أخلاقيات مختلفة في العمل السياسي ولا تتردد في رفض عروض تحوم حولها شبهات الفساد.