كريتر نت / وكالات
كشف برنامج “ما خفي أعظم” الذي يقدمه تامر المسحال على قناة الجزيرة مساء اليوم الأحد، تفاصيل عملية تسلل وحدة إسرائيلية إلى غزة في 11 نوفمبر 2018، وهو الحدث الذي ظلت كثيراً من فصوله غامضة رغم مرور عام على المفاجأة التي هزت أركان تل أبيب بعد أن وقعت في فخ المقاومة.
وحصل “ما خفي أعظم” على تفاصيل ومعلومات وتسجيلات سرية مصورة حول الهدف الذي سعت له الوحدة الإسرائيلية الخاصة “سيريت متكال” وما تركته خلفها بعد ساعتين على تسللها ووقوعها في فخ الاشتباه لمقاتلي كتائب عزالدين القسام الذين اكتشفوا الوحدة وطاردوها.
وكشف البرنامج خلال حلقة “أربعون دقيقة” أن الوحدة الإسرائيلية كانت تستهدف زرع منظومة تجسس لاختراق شبكة اتصالات المقاومة في غزة، إلا أنه تم اكتشافها بعد أن تسللت إلى عمق غزة تحديداً شرق خان يونس، حيث كان للوحدة الخاصة مهمة نوعية ما كانت لتقر لولا أن الصيد ثمين من وجهة نظر تل أبيب، إلا أن فصول الخطة لم تكتمل حيث تم اكتشافها وقُتل قائدها وأصيب نائبه خلال عملية فاشلة اكتشفت فيها المقاومة كنزاً استخباراتياً تركته القوة الإسرائيلية في أرض المعركة.
وحصل ما خفي أعظم على مشاهد لكاميرات الوحدة التي كانت تسجل عمليتها والتي سيطر عليها كتائب القسام كاملة، حيث أثبتت التحقيقات أن الوحدة الإسرائيلية استخدمت معدات دخلت غزة بغطاء منظمة إنسانية دولية، ونجح مهندسو القسام في اختراق أجهزة وحدة سيريت متكال الإسرائيلية والسيطرة على تسجيلاتها.
وأظهرت كتائب القسام لقطات حصرية لأفراد من الوحدة التي تشرف على تأمين وتشغيل شبكة الاتصال الخاصة من داخل أحد الأنفاق السرية تحت الأرض. وكشفت المقاومة الفلسطينية عن منظومة تجسس إسرائيلية، تم زرعها بواسطة عملاء في منطقة “الزوايدة”، لكن المقاومة أفشلت هذا المشروع الاستخباري، رغم استشهاد عدد من كتائب القسام أثناء العملية.
وعرض البرنامج لقطات حصرية لما تمكنت كتائب القسام من العثور عليه بعد الحفر، حيث وجدت أكياسا عسكرية تحتوي على أدوات الحفر ومسدسات كاتمة للصوت وأغطية عازلة لصوت ضجيج المعدات أثناء العمل.
وتمكن مهندسو القسام من اختراق أجهزة الوحدة الإسرائيلية والسيطرة على تسجيلاتها، مما مكنهم من التعرف على عناصر الوحدة، وأماكن تدريبهم، وأدوارهم ومسار رحلتهم.
وقال المسحال إنه في 12 نوفمبر أفاقت إسرائيل على انتكاسة لواحدة من أهم وحداتها الاستخباراتية العسكرية “سيريت متكال” حيث قُتل قائدها وجعل حرج الفشل تل أبيب تكتم على الخبر وتفاصيله.
وأوضح محمود مرداوي الخبير في الشؤون الإسرائيلية خلال “ما خفي أعظم” أن قوة هذه الوحدة الإسرائيلية في سرية ضباطها حيث يُنفق عليه الملايين حتى يصبح أفرادها بهذه القدرات وهذه الحاجة في إخفاء السر عن هذه الوحدة دفع المقص العسكري أن يغلق أي نافذة لتسريب أي معلومة لأن قوتها في سريتها وعندما تكشف تصبح بلا فاعلية.
وللتدليل على أهمية العملية التي قامت بها المقاومة الفلسطينية، قال مرداوي: هذه الوحدة لا يمكن أن يعوض أي شخص منها، حيث يتم إعداداها سواء الضباط أو الأفراد، على مدار وقت طويل وتحتاج إلى تدريبات ولغات وثقافات حسب الهدف والمكان الذي ستعمل فيه فهي تتقن التعايش وتتعلم الرموز الدينية والأماكن الدارجة حتى تعيش وتنصهر في المجتمع وتصبح جزء منها ولا يغامر بها إلا عندما يتأكد العدو أن المعلومة التي يريدها حقيقة تعلق بالأمن ويتعذر الحصول عليها بأي وسيلة أخرى.
من جانبه قال أمير أورن المحلل العسكري الإسرائيلي إن وحدة سريت ميتكال تتولى مهمتين رئيسيتين هما: (1) تدير العمليات البالغة السرية إذ تتوغل خلف خطوط العدو وتدير عمليات استخباراتية والتي تجري عليها تدريبات عليها لأشهر وأحياناً لسنوات.
(2) تتولى مهام اشتباكية أخرى كتحرير الرهائن أوعمليات خاصة أخرى فأفرادها ذو مواصفات جسدية عالية وهم معفون من العمليات العسكرية الاعتيادية، معتبراً أن وقوعها في فخ المقاومة، يشير إلى أنه كان هناك خللاً واضحاً في التخطيط والتنفيذ من قبل الفيادة في إسرائيل.
وكان لنور بركة، القائد الميداني في كتائب القسام، الذي استشهد خلال العملية، الفضل في اكتشاف العملية الإسرائيلية، حيث اشتبه في الوحدة وقرر وقف سيرهم للتحقق بعد أن لاحظ توقف الحافلة التي تقلهم في أماكن مختلفة، حيث قال أحد أفراد كتائب القسام ويدعى “أبوجعفر” وهو مطلق النار على الوحدة الإسرائيلية إنه تم توقيف الحافلة وتوجيه السؤال لهم فأجابه واحد منهم يتحدث عربية محلية واضحة، مضيفاً: رجعت للشيخ نور لكن الشيخ ظل يشك فيهم، وتتبعنا السيارة واستجوبناهم وقالوا إنهم ذاهبين لزيارة قريبة لهم في أحد المستشفيات، وتم استجواب كل واحد منهم على حدة وتفتيش الباص وإنزال الركاب.
وأضاف: ضابط ميداني في كتائب القسام يدعى “عيسى” كان من بين الذين لاحقوا حافلة الوحدة الإسرائيلية الخاصة: عرّف اثنين من بين افراد الوحدة الإسرائيلية المتخفية أسماءهم وأعطوني بطاقات شخصة انتحلوا فيها أسماء حقيقية من غزة.. جميع الأسماء المستعارة التي تم استخدامها في هذه العملية هي أسماء حقيقية وموجودة على أرض الواقع وكذلك العائلة تمتلك في الواقع حافلة بنفس اللون والنوع وهذا الغطاء أدي إلى صعوبة التحقيق معهم الذي استمر 40 دقيقة.
وقال إنه خلال التفتيش سقطت حقيبة إحدى السيدتين وكان بها مصاحف صغيرة ومتعلقات خاصة، وأمر الشيخ نور باقتيادهم إلى الموقع لاكتمال التحقيق، وفجأة تم إطلاق النار من قبل أحد أفراد الوحدة الإسرائيلية بواسطة مسدس كاتم للصوت.
ومع بداية الاشتباكات بعد أن أيقن أفراد الوحدة الإسرائيلية أنه تم امتشافهم ولا مفر، كان هناك على بعد أمتار باقي أفراد الواحدة الإسرائيلية في عربة أخرى داخل أراضي زراعية يراقبون ما يحدث.
وتعليقاً على العملية الإسرائيلية الفاشلة، قال يوسي ميلمان الخبير والمحلل الإسرائيلي في الشؤون الاستخباراتية: لا أدري لماذا شكت المقاومة في أفراد الوحدة، كتبت عن العديد من العمليات التي جرى كل شئ فيها كما هو مخطط له، ومع ذلك وقع خطأ. في هذا النوع من العمليات أنت لا تقول أن كل شئ كامل، فأنت بحاجة أيضاً إلى الحظ.
وأضاف: أعتقد أن حماس لديهم خطوط اتصالات خاصة بهم فشركات الاتصال الخلوي تديرها السلطة الفلسطينية وهم لا يثقون بالسلطة، ثانياً هم يعرفون أن لدى إسرائيل إمكانيات قوية في اختراق الهواتف والتنصت أو اختراق الشبكات فقرروا بناء شبكاتهم الأكثر أماناً
من جانبه أكد ويليام بيني الضابط السابق في وكالة الأمن القومي الأمريكية الذي قام بالعديد من المهام الاستخبارية خارج الحدود أن مخاطرة إسرائيل بكل هذا العدد من الوحدة الخاصة لتنفيذ عملية للتنصت في غزة، يعني أن لديهم صعوبة في الحصول على معلومات متعلقة بحركة حماس.