سالم فرتوت
الرجل الذي يجلس إلى جانبه في حافلة الأجرة
يسعل ،لابل ويعطس أيضا .ربما كان مصابا بهذا الموتور الخطير !ليس بينه وبينه مسافة كافية ليتجنب العدوى. الكتف بالكتف .عطس الرجل فزاد ارتباكه .باب الحافلة مفتوح سيقفز مرة أخرى وليكن مايكون!
في المرة الأولى جلس إلى جانبه قبل سنتين مسلح قبلي بوجه متجهم كمن يطلب الأخذ بثأر ،خيل إليه أن قبيلة المسلح قد اختارته هو في مقابل قتيل لها عند قبيلته. هل يقفز ؟أخذ يرتجف وهو يحسب أي تململ للمسلح بمثابة مقدمات ليطلق رصاصة على رأسه
كان ذعره يتفاقم مع كل حركة تصدر عن المسلح الذي لم يعد لديه شك بأنه تتبعه حتى صعد السيارة.فقد صوابه فقفز لعله ينجو من الموت !ولطف به الله فأمضى في المستشفى قرابة عام.
سيفعلها ثانية ،سيفر من هذا الموتور الخفي.ولكن لا ليتق العدوى.فليس كل مرة تسلم الجرة.
القى رأسه
على يده فوق المقعد الذي الذي أمامه ليغطي انفه وفمه.
..لم يأبه أحد للمريض بالسيارة ،كلهم غير مبالين! والرجل ربما يحمل الفيروس القاتل.
أخذ يتململ مذعورا .قال له الرجل :(مابك يأخي )؟ رد بنفور دون ان يرفع رأسه:
(لاشيء ).
لم يابه للخلاف الدائر بين شخصين خلفه، أحدهما كهل والآخر شاب حول مايجري في البلاد .
التفت إليهنا جاره في المقعد ،وقال :(خلونا من السياسة كورونا بايقتلنا جميعاً، لن يفرق بيننا)!
هاهو يقر بأنه مصاب بهذا المرض، ولايتورع عن التوجه نحو الآخرين ،ويعطس ،لاشك أن الآخرين المتشادين سيتصديان له ،فلماذا غادر بيته وهو مريض ؟ ألكي ينشر المرض؟
عاد الرجل ليحدثه قائلاً:(البلاد موبوءة بكورونا ونحن مشغولون بالسياسة. كأن الحرب وتداعياتها غير كافية حتى ينافسها هذا اللعين المسمى كورونا. )
وعطس الرجل وخيل إليه أن رذاذا من فمه وأنفه قد لامس وجهه .
تحسس وجهه بيده اليسرى .يإلهي، ثمة اثر من عطسته بلغك أف !لماذا غادرت أنت منزلك اليوم ؟
السيارة تمضي ،يرن جوال المريض ،يرفعه إلى أذنه ،:(هلوه كيفكم ..صوتي متغير لأني مزكوم ..وبي حمى ..لا لا كورونا حرام عليك مجرد انفلونزا)؟
ويسعل الرجل..آه سعال وحمى بعض اعراض الكورونا .
هذا الرجل مصاب بالكورونا إذا .هل نقل إليه المرض الآن!
ارتعد .أحس المريض باضطرابه.:(أخي ،هل تحس بشئ) .هز رأسه نفيا،(ولكنك ترتجف ،لماذا )؟
لم يجب كان يود منذ حين أن يقفز من السيارة خوفا من العدوى بالكورونا الذي لاشك يحمله الرجل الذي إلى جانبه .
هل يقفز ؟كما قفز من قبل إن باب السيارة مفتوح .وهو يجلس بالقرب منه مهددا بالمرض المرعب .
وعطس الرجل ،وأمعن هو في إخفاء وجهه منه .لكنه أحس برذاذ عطسه يبلغ يده وجنبه .
آه لاطاقة له بهذا المرض .ولن يبقى هنا حتى يتمكن منه ..فليقفز لينفذ بجلده من كورونا اللعين.
28 مايو 2020