كتب – د / حسين سعيد الملعسي
حقوق السحب الخاصة هي أصل احتياطي دولي استحدثه صندوق النقد الدولي لأول مره في عام 1969م ليصبح مكملا للاحتياطيات الرسميه الخاصه بالبلدان الأعضاء في الصندوق والبالغ عددها 190 دولة ، و يتاح للبلد العضو حيازة 25% من احتياطاته لدى الصندوق من وحدات حقوق السحب الخاصة.
هذا و قد أوصى مجلس محافظي صندوق النقد الدولي على زيادة احتياطياته الطارئة بمبلغ 650 مليار دولار كأكبر تخصيص للصندوق منذ عام 1970م ، و يصبح تخصيص المبلغ ساري المفعول بعد 21 يوم من موافقه 85% من مجمل القوه التصويتيه للصندوق و من المأمول توزيع حصص حقوق السحب الخاصة على الأعضاء ابتداء من 23 أغسطس الشهر الجاري.
هذا و يذهب 58% من مبلغ 650 مليار دولار إلى الاقتصادات المتقدمة ، و 42% سيذهب الى الاقتصادات الناشئة و النامية و بإمكان الدول ذات المراكز القوية اقتصاديا إعاده تخصيص نصيبها من الاحتياطيات لدعم البلدان الضعيفة وذات الدخل المنخفض سواء بالتبرع بمخصصاتها على شكل مساعدات و هبات ويمكن إقراض مخصصاتها ايضا بفائدة لا تزيد عن 1,5% و ذلك لمساعدة البلدان الفقيره منخفضة الدخل لتحقيق نمو مرن و مستدام.
ستتمكن البلدان من تحويل نصيبها من وحده حقوق السحب الخاصه إلى عملات قابله للتحويل وخاصه الدولار الأمريكي وفي العاده لا توجد شروط مسبقة لتوزيع نصيب الدول من حقوق السحب الخاصه و لكن يشترط الصندوق الشفافية في استخدام نصيب الدول حيث يعود الحق في التصرف بنصيب كل دوله إلى البنك المركزي لكل دوله على انفراد باعتبار الأموال تعود للبنك المركزي للدول وتودع في حساباته الخاصه وهو المسؤول عن وجهه الصرف باعتباره يمثل الدوله في عضوية مجلس محافظي صندوق النقل الدولي.
كان الهدف المعلن من تخصيص مبلغ 650 مليار دولار هو من أجل التعافي من الركود الاقتصادي بسبب جائحه فيروس كورونا المستجد COVID_19 حسب إعلان الصندوق و يتاح للبنوك المركزية التصرف بنصيبها من التخصيص حسب ظروف كل بلد على حده .
حصلت اليمن على ما يعادل 555 مليون دولار كنصيب من الزياده في احتياطيات صندوق النقد الدولي و على الرغم من تواضع المبلغ مقارنه بمشاكل اليمن الاقتصاديه إلا أنه يمكن أن يلعب دورا مهما في حل بعض مشاكل اقتصاد البلاد العاجلة و ذلك لدور المبلغ المأمول في رفد احتياطي البلد من العملات الصعبه الذي هو في وضع حرج لم يشهده منذ سته عقود بسبب الحرب الدائرة و انقسام السلطه و القرار المالي و النقدي و بروز سلطات متعدده تتخذ قرارات سيادية متناقضه في الشأن الاقتصادي.
إن السؤال المهم هو هل سيستخدم هذا المبلغ لصالح تعزيز وضع الريال المترنح وكيف يستطيع البنك المركزي تحقيق ذلك في ظل الانقسام بل و التشطير الاقتصادي و المالي في البلد .
من المأمول أن يساعد المبلغ في حال استخدامه استخدام سليم في التخفيف من الآثار الانسانيه و الاجتماعيه و الاقتصاديه للتقلبات السعريه الحادة في البلد الناتجة عن الحرب و انقسام البلد و سلطاته المختلفه ، ولكن بالمقابل يمكن الجزم أن اليمن لا يمكن إخراج نفسه من أزمته الاقتصاديه بهذا المبلغ دون اتخاذ إجراءات مرافقه و تصحيحية مثل وقف الحرب وحل مشاكل البلاد المعقدة و المتداخله و إجراء إصلاحيات سياسيه و اقتصاديه بمعالجه المظالم السياسيه و الحقوقيه حلا شاملا يحقق توافقا واتفاقا لكل الأطراف المتصارعه منذ عده سنوات.
ومن وجهه نظرنا فان إنفاق مبلغ 555 مليون دولار يمكن أن يتوجه إلى عدة أنشطة منها الإنفاق على مكافحة وباء فيروس كورونا المستجد و كذا دعم سعر صرف الريال في (المناطق المحرره) ليتعادل مع (المناطق الخاضعه لسيطره الحوثي) في اقل تقدير و كذا تأمين استيراد المواد الغذائية الاساسيه و الدوائية لتخفيف الضغط على سوق الصرف الأجنبي و كذا شراء المحروقات و تحسين خدمات إمداد المواطنين بالطاقه الكهربائية و الاستثمار في مجال الطاقه البديلة و المتجدده و الإنفاق المالي المباشر لمساعدة الفقراء مثل زياده الأجور ودعم الفقراء و الفئات المهمشه للتخفيف من الأعباء التي يتحملها المواطن و غيرها من الأولويات التي يتحمل مسؤوليه تحديدها و تنفيذها البنك المركزي في العاصمه المؤقته عدن.
إن تحقيق المأمول من استخدام هذا المبلغ يمكن أن يتحقق من خلال التخصيص السليم و عدم استخدامه في مشاكل الحرب الدائره و تحريم استخدامه في قضايا المضاربة في سوق الصرف و غير ذلك سيذهب المبلغ ادراج الرياح و لنا في الماضي البعيد و القريب عبر و دروس في سوء استخدام الاحتياطيات و المنح و المساعدات و القروض و على المجتمع المدني و المهتمين و الصحافه و المتخصصين تسليط الضوء على تخصيص المبلغ و مراقبه حسن استخدامه لتحقيق المأمول منه في دعم موقف الريال في الأجل المنضور.
* أستاذ كلية الاقتصاد والعلوم السياسية – جامعة عدن