كريتر نت – عربي بوست
شهد عام 2021 جهوداً دبلوماسية مكثفة وغير مسبوقة، بهدف حل أزمة اليمن التي طال أمدها منذ نحو 7 سنوات. وتخلل هذا العام الكثير من التحركات الدبلوماسية الأممية والدولية والإقليمية والمحلية، التي هدفت إلى وقف إطلاق النار في البلد العربي الفقير، ولكن جميعها فشل في ذلك حتى الآن.
كيف مر عام 2021 على اليمن؟
بدأ عام 2021 بمساعٍ حثيثة من المبعوث الأممي السابق إلى اليمن مارتن غريفيث، الذي عقد سلسلة لقاءات مع مسؤولين في الحكومة وجماعة الحوثي، وآخرين من السعودية وإيران وغيرها من الدول.
واستمر غريفيث في عقد محادثات متكررة، بهدف وقف التصعيد العسكري بين القوات الحكومية والحوثيين، حتى انتهاء مهمته في يونيو/حزيران الماضي. ويشغل غريفيث حالياً منصب وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، ومنسق الإغاثة لحالة الطوارئ.
ولعل من أبرز تحركات غريفيث، خلال لقاءاته مع مسؤولين إيرانيين في طهران، اجتماعه بوزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف، مطلع فبراير/شباط الماضي، تزامناً مع بدء هجمات الحوثيين المكثفة على محافظة مأرب النفطية وسط اليمن.
وفي مايو/أيار الماضي، أبلغ غريفيث مجلس الأمن الدولي بعدم قدرته على إجبار أطراف النزاع اليمني على التفاوض. وعقد غريفيث بعدها تحركات دبلوماسية مكثفة من أجل وقف تصعيد الحوثيين على مأرب (وسط) وتحقيق هدنة في المحافظة والبلاد أجمع، من دون تحقيق نتائج إيجابية على أرض الواقع، في ظل اتهامات متبادلة بين الحكومة والحوثيين بشأن رفض السلام.
مبادرة سعودية لحل الأزمة
في 22 مارس/آذار 2021 أعلنت السعودية إطلاق مبادرة لحل الأزمة اليمنية تتضمن وقف إطلاق النار، وإعادة فتح مطار صنعاء، والسماح باستيراد الوقود والمواد الغذائية عبر ميناء الحديدة (غرب)، واستئناف المفاوضات السياسية بين الحكومة والحوثيين.
وجاءت هذه المبادرة بعد مطالب أممية ودولية بضرورة العمل على وقف إطلاق النار باليمن، بعد تصاعد القتال بين القوات الحكومية والحوثيين، خصوصاً في جبهة مأرب.
حظيت المبادرة السعودية بترحيب من الحكومة اليمنية ودول عدة، بينها الولايات المتحدة وبريطانيا، إضافة إلى ترحيب الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.
لكن الحوثيين رفضوا هذه المبادرة، وطالبوا بضرورة وقف غارات التحالف العربي، مقابل قبول أي مبادرات أو دعوات سلام. وما زالت هذه المبادرة قائمة حتى اليوم، من دون أي تقدم دبلوماسي، وسط استمرار موجة التصعيد العسكري.
حراك دبلوماسي أمريكي
كان للولايات المتحدة الأمريكية دور بارز في الأزمة اليمنية، خلال عام 2021، إذ استغلت موقعها كعضو دائم في مجلس الأمن الدولي، في محاولة التوسط لحل الصراع بشكل سلمي.
وفي مطلع فبراير/شباط الماضي، أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن، في خطاب متلفز، أنه قرر وقف دعم بلاده للأعمال العدائية في اليمن، بما في ذلك صفقات بيع الأسلحة ذات الصلة.
أعلن بايدن كذلك تعيين الدبلوماسي تيم ليندر كينغ مبعوثاً أمريكياً إلى اليمن، في خطوة تعد الأولى من نوعها، مشدداً على ضرورة وضع حد للحرب هناك.
بعدها، قام المبعوث الأمريكي بجولات متعددة في الشرق الأوسط، كلها رمت إلى البحث في سبل حل أزمة اليمن. وأكثر من مرة، حمّل ليندر كينغ الحوثيين مسؤولية التصعيد العسكري، مطالباً الجماعة بضرورة وقف إطلاق النار والدخول في مفاوضات.
في مطلع مايو/أيار الماضي، اتهم ليندر كينغ الحوثيين بأنهم يحتجزون اليمن كرهينة، مشدداً على أن الاتفاق العادل عبر الحوار هو في الأخير من سينقذ الشعب اليمني، فيما سبق للحوثيين اتهام المبعوث الأمريكي بأنه منحاز للتحالف العربي، وهو ما ينفيه.
وفي الشهر ذاته، قالت وزارة الخارجية الأمريكية إن الحوثيين “فوّتوا فرصة كبرى” لإظهار التزامهم بالسلام، برفضهم لقاء المبعوث الأممي الخاص مارتن غريفيث في مسقط.
وحمّلت الوزارة، في بيان، جماعة الحوثي المتحالفة مع إيران مسؤولية تفاقم المعاناة الإنسانية في البلاد، من خلال مواصلة هجومها على محافظة مأرب.
وحتى الأيام الأخيرة من ديسمبر/كانون الأول 2021، واصل المبعوث الأمريكي تحركاته من أجل البحث في سبل حل أزمة اليمن، لكن من دون جدوى.
المبعوث الأممي غروندبرغ في مهمة معقدة
منذ بدء مهامه رسمياً، مطلع سبتمبر/أيلول 2021، يواصل المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، تحركاته الدبلوماسية وسط مصاعب كبيرة جراء استمرار القتال في جبهات متعددة.
وعلى الرغم من نشاط المبعوث الأممي الذي عقد محادثات متعددة خلال الأشهر الماضية، فإنه لم يستطع حتى اليوم زيارة العاصمة صنعاء للتشاور مع قيادة الحوثيين. واستطاع غروندبرغ عقد محادثات متعددة مع الحكومة اليمنية، بينها زيارتان للعاصمة المؤقتة عدن، جنوبي البلاد.
كما زار غروندبرغ مدينة تعز جنوب غربي اليمن، التي يفرض عليها الحوثيون حصاراً منذ سبع سنوات، كأول مبعوث أممي يزور المدينة منذ بدء الحرب.
ومؤخراً، زار المبعوث الأممي سلطنة عُمان وفرنسا والكويت، وعقد فيها محادثات من أجل الدفع بمسار السلام باليمن.
وأبلغ المبعوث الأممي مجلس الأمن الدولي، أخيراً، بأن “إطلاق عملية سياسية في اليمن “مهمة معقدة” في ظل اتساع الفجوة بين أطراف الصراع، والأزمة الاقتصادية وتسارع العمليات العسكرية.
وقال غروندبرغ، منتصف ديسمبر/كانون الأول الجاري، إنه “لمس إحباطاً بسبب فشل محاولات الأمم المتحدة السابقة لحل الأزمة”.
على الرغم من شعوره بالإحباط، واصل المبعوث الأممي جولاته الإقليمية والدولية من أجل الحصول على دعم يساعد في حل أزمة اليمن، غير أن الواقع الميداني يستمر في التصعيد، فيما يبدو التوصل إلى حل سياسي قريب بعيد المنال.
ويشهد اليمن منذ نحو 7 سنوات حرباً مستمرة بين القوات الموالية للحكومة المدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده الجارة السعودية، والحوثيين المدعومين من إيران، المسيطرين على عدة محافظات بينها العاصمة صنعاء منذ سبتمبر/أيلول 2014.
وتقول الأمم المتحدة، إنه بنهاية عام 2021، ستكون الحرب في اليمن قد أسفرت عن مقتل 377 ألف شخص بشكل مباشر وغير مباشر.
وأدت الحرب إلى خسارة اقتصاد البلاد 126 مليار دولار، في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية والاقتصادية بالعالم، إذ يعتمد معظم السكان البالغ عددهم 30 مليوناً على المساعدات، وفق الأمم المتحدة.