كريتر نت / محيي الدين حسين / المهاجرون نيوز
بعد توترات استمرت لنحو شهر، يسود الهدوء النسبي على الحدود التركية اليونانية. لكن يبدو أن تركيا بدأت مجدداً بإرسال اللاجئين إلى الحدود على دفعات، في حين تؤكد اليونان أن “المعركة مستمرة”.
“قيل لنا أنه وبمجرّد انتهاء حظر التجول، فإننا سننطلق مجدداً”، هذا ما يقوله اللاجئ السوري قصي الذي قضى 25 يوماً على الحدود التركية اليونانية في آذار/مارس الماضي، دون أن تفلح محاولته في الوصول إلى “الفردوس الأوروبي”.
ويتابع قصي لموقع دي فيلت الألماني: “تركيا تستخدمنا ككرة لعب (…) فقد وضعنا الجنود الأتراك في الحافلات عدة مرات ونقلونا إلى أي مكان يريدونه هم”.
فبعد أن أخلت السلطات التركية المخيم المؤقت الذي أنشأه اللاجئون على الحدود في نهاية آذار/مارس الماضي وأحرقت خيمهم، نقلتهم إلى مراكز إيواء وعزل في ولايات مختلفة، ومنها ولاية ملاطية التي نُقل إليها قصي.
وصرّحت وزارة الداخلية التركية بأن نقل اللاجئين إلى مراكز العزل، جاء ضمن إجراءات منع تفشي فيروس كورونا، رغم أن هذه الخطوة التركية لم تأت إلا بعد أن حصلت أنقرة على وعود أوروبية بالحصول على مزيد من المساعدات المالية.
حتى الآن تجاوزت حصيلة الوفيات جراء فيروس كورونا في تركيا 2200 وفيات. وتجاوز عدد الإصابات 95 ألف إصابة، بحسب أرقام وزارة الصحة التركية. وأمرت الحكومة مواطنيها بالبقاء في منازلهم لمدّة 48 ساعة في 31 مدينة بدءاً من منتصف ليل الجمعة (10 نيسان/أبريل)، في إطار إجراءات صارمة جديدة لاحتواء فيروس كورونا المستجدّ.
من مراكز العزل إلى أوروبا؟
ورغم أن حظر التجول المفروض على 31 ولاية تركية انتهى يوم الأحد (12 نيسان/أبريل)، “لايزال آلاف اللاجئين المقيمين في مراكز العزل بانتظار وعود فتح الطريق من جديد”، كما يقول اللاجئ السوري محمد لمهاجر نيوز.
ويتابع محمد: “أكثر من 3 آلاف لاجئ تمت إعادتهم إلى ملاطية وأنا منهم. يعدوننا بأنهم سينقلونا إلى إسطنبول أو إزمير لنواصل الطريق إلى أوروبا”.
لكن حتى قبل أن يدخل حظر التجول حيز التنفيذ، كان لاجئون آخرون في طريقهم إلى الحدود مرة أخرى، ومنهم اللاجئة السورية دنيا، الأم لخمسة أطفال.
وقالت دنيا لـ”فيلت” إن الجنود الأتراك نقلوها مساء يوم الجمعة (10 نيسان/أبريل) مع ألفي لاجئ آخرين من مركز الإيواء الذي كانوا يقيمون فيه في ولاية “عثمانية” إلى إزمير من أجل مواصلة الطريق إلى أوروبا عبر البحر، وأضافت: “قالوا لنا لن تكون هناك أي مشكلة”.
وفي مجموعات على الفيسبوك يدّعي مهربون في الأيام الأخيرة أن “الطريق إلى اليونان مفتوح”. بعضهم يتحدث عن طريق بري من اسطنبول إلى مدينة سالونيك اليونانية، وبعضهم الآخر عن “رحلات بحرية”.
وانتشرت مؤخراً على مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات للاجئين يركبون القوارب في بلدة كوتشوك كويو الساحلية الواقعة شمالي إزمير وهم يحاولون الوصول إلى جزيرة ليسبوس اليونانية المكتظة باللاجئين.
ربما يتحقق حلم بعض المهاجرين في تركيا ويصلون إلى أوروبا عبر اليونان. لكن ومع انتشار وباء كورونا،تزداد الأمور في مخيمات اليونان المكتظة تعقيدا. جيرالد كناوس، مهندس اتفاقية اللاجئين بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، شبّه حال اللاجئين في المخيمات اليونانية بـ “كأننا نلعب بحياة هؤلاء اللاجئين لعبة الحظ المميتة” في مقابلة له عبر برنامج “دير تاغ” التابع لقناة DW. ووصف كناوس الوضع على الجزر اليونانية بـ”المخز” وطالب ألمانيا بعدم “الاختباء وراء حل أوروبي”.
اللاجئون بين فكي كماشة
ففي مخيم موريا الذي لا يسع إلا لثلاثة آلاف شخص، يقيم 20 ألف لاجئ في ظروف مزرية. وبعد أن تم تسجيل الحالات الأولى للإصابة بفيروس كورونا في المخيم، تخشى أثينا من أن تؤدي أي موجة لجوء جديدة إلى زيادة سرعة انتشار الفيروس في الجزر اليونانية. وقد وردت تقارير عن إجبار خفر السواحل اليوناني بعض قوارب اللاجئين على العودة إلى تركيا،في وقت أوقفت فيه تركيا استقبال اللاجئين من اليونان إليها بسبب تفشي وباء كورونا.
وقد أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية حامي أكصوي قبل أيام أن تركيا أوقفت “بشكل مؤقت” إعادة استقبال طالبي اللجوء من اليونان بموجب الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي، مشيراً إلى أن بلاده “أبلغت السلطات اليونانية بذلك”.
وبرر أكصوي الخطوة التي اتخذتها تركيا بأنها جاءت “لحماية الصحة العامة”، وأضاف: “الاتحاد الأوروبي أيضاً أوقف مؤقتاً برنامج إعادة التوطين – وهو عنصر مهم في الاتفاق”، وتابع: “وعلقت اليونان استقبال طلبات اللجوء لمدة شهر بشكل يخالف الاتفاقيات المؤسسة للاتحاد الأوروبي والتزاماتها الدولية”. لكن أكصوي أكد مجدداً “التزام” بلاده بالاتفاق.
“معركة” وقودها اللاجئون
وجاء تصريح ألمسؤول التركي رد على تصريحات وزير الهجرة اليونانية نوتيس ميتاراكيس حول عدم تنفيذ تركيا اتفاقية اللاجئين تحت ذريعة وباء كوفيد-19.
وقد ألغت اليونان القرار الذي اتخذته في أول آذار/مارس الماضي بوقف قبول وبحث طلبات اللجوء من المهاجرين الذين وصلوا إلى أراضيها بشكل غير شرعي بعد ذلك التاريخ. وقالت وزارة الهجرة اليونانية إنها ستستأنف الإجراءات وتتسلم كل الطلبات المقدمة إليها.
ورغم الهدوء النسبي الذي يسود على الحدود بعد أن نقلت السلطات التركية المهاجرين إلى مراكز العزل، لاتزال اليونان متأهبة لأي موجة لجوء محتملة. فقد أكد رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس أن بلاده ستشدد الإجراءات على حدودها. وأضاف: “كونوا على يقين بأن هذه المعركة مستمرة”.
ويبدو أن اللاجئينهم وقود حرب الهجرة المستعرة بين تركيا واليونان، فقد أكدت منظمة العفو الدولية في بداية الشهر الجاري أن مهاجرين اثنين قتلا بالرصاص الشهر الماضي أثناء محاولتهما دخول اليونان قادمين من تركيا بعد أن شجعت أنقرة “بتهور” آلاف المهاجرين على عبور الحدود للوصول إلى أوروبا. وأضافت المنظمة أن مهاجرة ثالثة في عداد المفقودين ويعتقد أنها لاقت حتفها بعد أن أطلق جنود يونانيون أعيرة نارية عليها أثناء محاولتها عبور نهر إلى اليونان.
ورغم أن قصي لم يعد يريد الذهاب إلى الحدود، إلا أنه يعتقد أن الأمر لم يعد بيده وأن الجنود الأتراك سيدفعونه إلى الحدود اليونانية مع آلاف اللاجئين الآخرين.